موسوعة الاستغراب من المشاريع العلمية الفكرية الكبيرة ذات الأثر الأكاديمي والتعليمي والبحثي والتنموي الفاعل، في ظل وضع دولي وعالمي يطبعه التداخل والصراع بين الأديان والثقافات والأفكار والعلوم، أُسّس في خضم البحث عن امتلاك آليات متميزة في فهم أعمق للعقل الغربي والحضارة الغربية وثقافتها وتنوعاتها، نظرا لافتقار عالمنا الإسلامي لدراسات علمية ومعرفية دقيقة، ترصد حركة التطور التي طبعت الغرب منذ التاريخ الميلادي على انبثاق عصر الحداثة والأنوار والفترة المعاصرة.
والاستغراب الذي تتبناه كلية الشريعة والدراسات الإسلامية؛ هو طَلَبُ فهم الغرب ودراسته وإدراك تفاصيله، من منطلق رؤية الذات الأصيلة، ولا يتحقق إلاّ باستيعاب مكوّنات الحضارة الغربية بعد انبلاج عصر الحداثة، ومعرفة بنيتها الثقافية والسياسية والاجتماعية الجديدة وإدراك اختلافها عن حضارات أوروبا التي سادت قبل قيامه في مرحلة الحداثة، مع استحضار الجذور والأصول ودراسة علاقتها بمكونات الحضارة الجديدة. وقد ظهرت "دراسات الغرب" أو الاستغراب في حقول معرفية كثيرة وفي بيئات حضارية مختلفة، فليس الأمر مقصورًا على العالم الإسلامي، وإنما يشمل كل الحضارات التي لا تنتمي إلى الحضارة الغربية، وربما في مرحلة تاريخية كانت هناك دراسات في قلب الغرب، اختصت في دراسته وتقويمه، بالنظر لاختلاف الإيديولوجيا والسياسة والتوجّهات الكبرى. وقد وجدنا مراكز ومؤسسات وجامعات وباحثين مستقلّين في مختلف دول العالم، خاصة في الشرق، اهتمت بالفكر الغربي وجذور نشأته وتطوّره، والحالة المعاصرة التي يعيشها.
و لم نشهد- للأسف- دراسات شاملة ومؤسّسية في عالمنا العربي والإسلامي على غرار ما هو مدوّن في التجارب الاستغرابية في حضارات أخرى، إذا استثنينا بعض الدراسات والجهود العربية والإسلامية التي اضطلعت بدور مناهضة التحيّز المعرفي والغزو الفكري والتغريب القسري الممنهج ، وأيضًا بعض المؤسسات الأكاديمية الإسلامية خارج العالم العربي، التي اتسمت بالمؤسسية والشمول والتنظيم في عدد من القطاعات ذات البعد التعليمي والبحثي والحضاري.
ولذا؛ فإن فكرة ومشروع فهم الآخر الغربي من خلال إنجاز موسوعة الاستغراب وفي حدود بنيته المعرفية والثقافية، بوسائل علمية موضوعية، في شتى المجالات الحضارية؛ يأتيان ليُجسّدان رصْدًا نقديًّا دقيقًا لهذه الحضارة فكريًّا وعلميًّا، على غرار ما فعله الغرب نفسه فيما يعرف بالاستشراق، في دراساته الواسعة حول العالم الإسلامي وموسوعاته المتعددة حول حضارته وثقافته ودينه، ومن ثمّ وضع لبنات واقعية وموضوعية لحوار حضارات بنّاء.
وتكمن أهمية المشروع في:
- تقديم مشروع متميّز للأجيال تنهل منه في مختلف دراساتها المتعلقة بالغرب
- رسم صورة شاملة ودقيقة عن قضايا الدين والعلم والفكر والحياة والاجتماع والتقاليد في الغرب، لاستثمارها في شتى الشؤون؛ الدينية والسياسية والفكرية والثقافية والاقتصادية
- تفعيل حوار وتحالف الحضارات من خلال أسس علمية وفكرية ومعرفية عميقة، وتعزيزا لدور دولة قطر افي هذا الملف.
- المساهمة في تعزيز مسار العلاقات الدولية وبناء علاقات متوازنة بين العالم الإسلامي والغربي، بإزالة الصور المركزية والمتعالية التي رسّخها الاستشراق.
- الانفتاح على المشترك الإنساني المُثري للتوجه الحضاري الفعال.
- رسم خارطة كلية لحركة الحضارة الغربية وازدهارها وإنجازاتها ومعالم العمران فيها.
- إكساب الطلبة والباحثين والمهتمين القدرة على فهم العلاقة بين الحضارات وآفاق هذه العلاقة والمساهمة في دعم تحالف الحضارات والابتعاد عن تأجيج الصراع والتطرف والكراهية.
ومن أهم الإنجازات التي تحققت في مشروع موسوعة الاستغراب:
- تم التعاقد مع مئة وثلاثة (103) من الخبراء الباحثين من القارات الأربع (آسيا- أوروبا – أمريكا- إفريقيا)؛ أربعين باحثًا مستقلاًّ، والباقي تم التعاقد معهم في فرق بحثية، والتي يقدّر عددها بعشر (10).
- تم إنجاز أربعة أجزاء، ستُنشر في شهر ديسمبر 2021 بمناسبة العيد الوطني لقطر.
- إنجاز ملحق بسيرة الباحثين.
- فهرسة شاملة للمراجع والمصطلحات.
- صور وخرائط تعريفية في مجموعة من المداخل المهمة.
- مقدمات معرفية تأسيسية وبروتوكولية في المجلد الأول _شرح المشروع والتصدير له- توطين حقل الاستغراب في المعارف الإسلامية الأكاديمية – الأهمية الاستراتيجية للمشروع في الحاضر والمستقبل:
- مقدمة نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري- مقدمة سعادة رئيس جامعة قطر – مقدمة فضيلة عميد الكلية – مقدمة رئيس هيئة تحرير الموسوعة).